إقرأ القصة الملهمة لمراد، شاب مغربي كافح لتحقيق أحلامه عبر الهجرة السرية إلى إيطاليا. رحلة مليئة بالتحديات والطموح، من حياة الفقر في المغرب إلى النجاح والاستقرار في أوروبا.
الفصل الأول: البداية في المغرب
كان مراد شابًا في أواخر العشرينات من عمره يعيش في مدينة تدعى وزان كانت مدينة صغيرة قرب طنجة، شمال المغرب. وُلد مراد في عائلة فقيرة تعمل بالزراعة،رغم أن مدينته يغلب علها طابع جبلي مرتفع لم تكون هناك أراضي مستوية تساعد على الزراعة، لكنه كان يطمح دائمًا إلى حياة كريمة وأفضل مما كان عليه.مراد كان يساعد ويعمل مع والده في الحقل خلال النهار،وعندما ينتهي في المساء يجلس أمام شاشة هاتفه الصغيرة يتابع مقاطع الفيديو على الفيسبوك واليوتوب والتي كانت تُظهر حياة الرفاهية في أوروبا،والتقدم الصناعي خاصة إيطاليا.
رغم بساطة حياته، كان مراد شابًا طموحًا ومجتهدًا. تعلم الحرف اليدوية في وقت مبكر،عندما إنقطع عن دراسته، وأتقن مهنة النجارة.فأصبح نجاراً بارعاً كان يصنع أبوابًا ونوافذ خشبية بإتقان وحرفية عالية، لكن السوق المحلية لم تكن تقدر جهوده،وخصوصاً في مدينته الصغيرة وزان، وكان بالكاد يكسب ما يكفي لسد احتياجاته اليومية له ولعائلته.
الفصل الثاني: القرار الجريء
في أحد الأيام، بينما كان مراد يجلس مع أصدقائه في إحدى المقاهي في وزان،كان اصدقائه يتكلمون عن شخص ذهب إلى إيطاليا في هذا الأسبوع،الشاب الذي ذهب من قريتهم وصل إلى إيطاليا عن طريق الهجرة السرية،وبدأ العمل في البناء في يومه الأول، حينها افتكر مراد ما كان يشاهده على شاشة هاتفه من محاسن وجمال بلاد إيطاليا وفرص الشغل المتوفرة، أحس بشيء ينجدب إليه،حينها بدأت تترسخ عنده فكرة الذهاب نحو الخارج، بدأت الفكرة تترسخ في ذهن مراد، رغم الصعوبات والمخاطر. كان يعرف أن الطريق محفوف بعدة تحديات وعدة صعاب، لكن مراد رأى أن هذه فرصة لا تتعوض وأنها فرصة أخيرة فرصة لتحقيق أحلامه ومساعدة أسرته.
بدأ مراد يعمل في الحقل مع والده وبدأ يأخذ بعض العمل من النجارين أصدقائه ويصل بالعمل نيابة عنهم لكي يحصل على أكبر عدد من المال ليدخره. باع دراجته النارية أيضاً التي كان يستخدمها للتنقل والتي كانت تسهل عليه التنقل بين أصحابه و القرى المحيطة به، وقد إقترض مبلغًا صغيرًا من المال من أحد أقاربه.و بعد أشهر من التحضير والعمل الجاد دون راحة،بدأ يبحث عن أحد يتواصل معه بشأن مع وسيط مختص بتنظيم رحلات الهجرة عبر البحر.
الفصل الثالث: رحلة العبور
في ليلة باردة من شهر ديسمبر،وكان الجو ماطراً وصل مراد إلى شاطئ مهجور بالقرب من ضواحي مدينة طنجة. كان المركب صغيرًا ومزدحمًا بعشرات الأشخاص. بعضهم كانوا عائلات مع أطفالهم، وآخرون شبابًا مثله في العشرينات والثلاثينات من عمرهم،لقد كان يملؤهم الأمل والخوف في آنٍ واحد.عندما إجتمع حشد كبير من الناس أتى شخص مسؤول عن رحلتهم أحصى عددهم وقام بأخذ المال من كل فرد كان في الحشد،حينها أمرهم بالركوب في القارب وأن يتمسكوا جيداً بالقارب لأن البحر كان هائجاً،ثم بدأت الرحلة ولقارب يشق إتجاهه وسط البحر تحت أجواء يسودها الرعب والخوف والسكون الكل صامت،تسمع فقط صوت أمواج البحر وصوت محرك المركب وفي لحظات تمر بجانبهم سمكة عملاقة،لم يكن يدرون حتى نوعها، استغرقت الرحلة ساعات وساعات طويلة، وكان البحر هائجًا. الجميع كانوا متشبثين بالأمل والنجاة ويطلبون الله بأن يصلوا بسلام.
بعد ما بدا وكأنه دهر من الزمن،وأخيرا وصل المركب إلى ساحل إسبانيا. من هناك، استقل مراد شاحنة صغيرة مع مجموعة من المهاجرين حتى وصل إلى ميلانو،عاصمة إيطاليا.
الفصل الرابع: البداية في إيطاليا
الحياة في ميلانو لم تكن سهلة كما كان يعتقد مراد.لقد كان يعيش في غرفة صغيرة يكتريها مع أربعة أشخاص آخرين،وكانو يتشاركون الطعام والمال في ما بينهم. بدأ مراد يعمل في ورشة نجارة يديرها رجل عربي أصله مصري. كان العمل شاقًا وكانت ساعة إضافية محسوبة في العمل، لكن رغم الضغوطات والصعوبات مراد أظهر مهارته وتقنياته في العمل، مما جعله يحصل على أجر يومي مضاعف يكفيه للبقاء على قيد الحياة ويسد حاجياته اليومية من أكل وشرب وطعام وكراء لأن الأسعار كانت مرتفعة في العاصمة الإيطالية.
بعد مرور أشهر، إلتقى مراد بشاب مغربي آخر أخبره عن منظمة تساعد المهاجرين غير الشرعيين في تقديم طلبات اللجوء. قدم مراد طلبه، مدعيًا أنه فر من ظروف صعبة في المغرب.
الفصل الخامس: الطريق إلى الأوراق الرسمية
إستغرقت عملية الحصول على الأوراق سنوات وبضع شهور من الانتظار. خلال تلك الفترة،كان مراد يجول من مدينة إلى مدينة وبحسب طبيعته في العمل كان كتير التنقل حيث تعلم مراد اللغة الإيطالية وبدأ يندمج في المجتمع مع مرور الزمن.وقد حصل على وظيفة أكثر إستقرارًا في إحدى المصانع الخاصة بالأثاث وأصبح يرسل المال إلى عائلته في المغرب بإنتظام.
بعد ثلاث سنوات،من العمل المستمر والجهودات التي قام بها حصل مراد على تصريح إقامة، وهو اليوم الذي غير حياته.حيت إتصل بعائلته وزف اليهم الخبر الذي كان يشغله طول هاته المدة الحلم الذي يحلم به أي شخص من دون أوراق شرعية أصبح بإمكانه السفر بحرية والعمل بشكل قانوني. لم يكن يومًا عاديًا بالنسبة له،كان جد مسرور بل كان تتويجًا لجهود سنوات من الكفاح.
الفصل السادس: العودة إلى الوطن
بعد أن إستقر وضع مراد المادي والمعنوي في إيطاليا، قرر مراد ذات يوم زيارة عائلته في المغرب.لأنه مر زمن طويل على غيابه،لقد كانت العودة مليئة بالمشاعر المختلطة من الحنين والشوق،والفخر بما أنجزه وحققه طول هذه الغيبة. إشترى مراد عدة هدايا لأسرته وجلب مبلغًا كبيرًا من المال ساعدهم في تجديد منزلهم وشراء معدات زراعية جديدة.
أصبح مراد يزور المغرب بإنتظام،كل سنة في الصيف في نفس الوقت مراد لم ينس جذوره.ومسقط رأسه الذي ترعرع فيه في كل زيارة،كان يأتي محملا بالهدايا لأسرته ولأصدقائه وكان يقضي وقتًا ممتعاً مع أصدقائه في المقهى نفسه الذي حلم فيه يومًا بالهجرة.
الفصل السابع: دعم العائلة
بعد سنوات من العمل الجاد والمغامرة، إستطاع مراد أن يجمع مبلغًا كافيًا لإفتتاح مشروع صغير لعائلته في المغرب:هذا المشروع وهو متجر لبيع الأدوات الزراعية،بمختلف الأشكال والأنواع أصبح المشروع يشكل مصدر دخل ثابت لعائلته وساهم في تحسين معيشتهم اليومية بشكل كبير.
رغم أن مراد لا يزال يعيش في إيطاليا، حيث تزوج هناك وصار أباً أسس حياته وبنى علاقات جديدة بين العرب وحتى الأجانب لأنه ساعدته اللغة التي أصبح يتكلم بها بطلاقة ومرونته وحرفته التي كان يجيدها، إلا أن قلبه بقي مرتبطًا بالمغرب.لأنها بلاده وجذوره ومسقط رأسه، أصبح مراد مثالًا حيًا على أن الطموح والعمل الجاد يمكن أن يغيرا حياة الإنسان، مهما كانت الظروف صعبة.